للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثالثهما: أن القياس دليل تؤيده الفطرة السليمة والمنطق الصحيح، فإن من نهى عن شراب لأنه سام يقيس بهذا الشراب كل شراب سام، ومن حرم عليه تصرف لأن فيه اعتداء وظلما لغيره يقيس بهذا كل تصرف فيه اعتداء وظلم لغيره، ولا يعرف بين الناس اختلفا في أن ما جرى على أحد المثلين يجري على الآخر ما دام لا فارق بينهما.

بعض شبه نفاة القياس:

* من أظهر شبههم قولهم: إن القياس مبنى على الظن بأن علة حكم النص هي كذا والمبنى على الظن ظني، والله سبحانه نعي على من يتبعون الظن، وقال سبحانه: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦] ، فلا يصح الحكم بالقياس لأنه اتباع الظن.

وهذه شبهة واهية، لأن المنهي عنه هو اتباع الظن في العقيدة، وأما في الأحكام العملية فأكثر أدلتها ظنية، ولو اعتبرت هذه الشبهة لا يعمل بالنصوص الظنية الدالة لأنه اتباع للظن، وهذا باطل بالاتفاق، لان أكثر النصوص ظنية الدلالة.

*ومن أظهر شبههم قولهم: إن القياس مبني على اختلاف الأنظار في تعليل الأحكام فهو مثار اختلاف الأحكام وتناقضها، والشرع الحكيم لا تناقض بين أحكامه.

وهذه شبه أوهي من سابقتها لأن الاختلاف بناء على القياس ليس اختلاف في العقيدة أو في أصل من أصول الدين، وإنما هو اختلاف في أحكام جزئية عملية لا يؤدي الاختلاف فيها إلى أية مفسدة بل ربما كان رحمة بالناس وفيه مصلحتهم.

* ومن أظهر شبههم عبارات نقلوها عن بعض الصحابة ذموا فيها الرأي والقول في الأحكام بالرأي، مثل قول عمر: "إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداد السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي، فضلوا وأظلوا".

<<  <   >  >>