بدونَ كأنَّهنَّ غمامُ صيفٍ ... تهلَّلَ واكْفهرَّ له صبيرُ
فلمَّا أنْ ركبنَ تنكَّبَتا ... جَوافلُ من ذوي الحاجات زُورُ
نعم فبدَا المَحْجَمُ من فؤادي ... وكادَ القلبُ من وجدٍ يطيرُ
يكلّفُني على الحدثان قلبي ... نوًى للحيِّ مطلبُها عسيرُ
على حين اندَمَلتُ وثابَ حلمي ... ولاح على مفارقيَ القَتيرُ
كأنَّ القلبَ عند ديار سلمَى ... سليمٌ أو رهينُ دمٍ أسيرُ
كذلكَ من أُمامةَ قبلَ هذا ... لياليَ أنتَ مقتبلٌ غريرُ
إذا المتهانِفُ الغُرنوقُ يهوَى ... زيارَتنا ويكرهنا الغَيورُ
وعند الغانياتِ لنا ديونٌ ... وفي مأوَى القلوب هوًى ضميرُ
تُريك مفلَّجاً عذبَ الثّنايا ... كلَون الأُقحوانِ له أُشورُ
وعَينَي ظبيةٍ بجِواء رملٍ ... يضُوع فؤادَها رَشَأٌ صغيرُ
فلو تُولِينَني لعلمتِ أنِّي ... بمعروفٍ لفاعله شكورُ
أُديمُ لكِ المودَّةَ إنَّ وصْلي ... بأحسنِ ما ظننتِ به جديرُ
وأمنحُكِ الَّتي لا عارَ فيها ... كأنَّ نسيبَها بُردٌ حَبيرُ
أتانا بالمَلاَ كَلِمٌ حَداهُ ... حجازيٌّ بطيَّتِه فَخورُ
عدوٌّ لا ينامَ ولا تَراهُ ... ولو أبدَى عداوتَه نصيرُ
فلو جاوَبْنَني لقصَرتَ عنِّي ... وأنتَ من المدَى ناءٍ حسيرُ
ولو عادَدْتَني لوجدتَ قومي ... هم الأشراف والعدد الكثيرُ
إذا الجوزاءُ أردفتِ الثُّريَّا ... وعزّ القطرُ وافتُقِدَ الصَّبيرُ
وباتتْ في مكامنِها الأفاعِي ... ولم يتكلَّمِ الكلبُ العَقورُ
وجدتَ بقيَّةَ المعروفِ فينا ... مقيماً ما ثوَى بمنًى ثَبيرُ