للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجح ابن عبد البر أن أرواح الشهداء في الجنة وأرواح غيرهم على أفنية القبور تسرح حيث شاءت.

وذكر عن مالك أنه قال: بلغني أن الأرواح مرسلة تذهب حيث شاءت.

وعن مجاهد قال: الأرواح على القبور سبعة أيام من يوم دفن الميت لا يفارقه ذلك.

واستدل هو وغيره بحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار يقال: هذا مقعدك إلى يوم القيامة" ١. وهذا يدل على أن الأرواح ليست في الجنة وإنما تعرض عليها بكرة وعشيا وكذا ذكره ابن عطية وغيره.

ولا حجة لهم فيه لوجهين:

أحدهما: أنه يحتمل أن يكون العرض بكرة وعشيا على الروح المتصل بالبدن والروح وحدها في الجنة فتكون البشارة والتخويف للجسد في هذين الوقتين باتصال الروح به وأما الروح أبدا في تنعم أو عذاب.

والثاني: أن الذي يعرض بالغدواة والعشي هو مسكن ابن آدم الذي يستقر فيه في الجنة أو النار وليست الأرواح مستقرة فيه مدة البرزخ وإن كانت في الجنة أو النار.

ولهذا جاء في حديث البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن إذا فتح له في قبره باب إلى الجنة وقيل له: هذا منزلك قال: رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي" ٢.

وأما السلام على أهل القبور فلا يدل على استقرار أرواحهم على أفنية قبورهم فإنه يسلم على قبور الأنبياء والشهداء وأرواحهم في أعلى عليين ولكن مع ذلك لها اتصال سريع في الجسد ولا يعلم كنه ذلك وكيفيته على الحقيقة إلا الله عز وجل.

ويشهد لذلك الأحاديث المرفوعة والموقوفة، على أصحابه، ومنهم عبد الله بن عمرو


١ سبق تخريجه
٢ سبق تخريجه

<<  <   >  >>