[الباب العاشر: في ذكر ضيق القبور وظلمتها على أهلها وتنورها عليهم بدعاء الأحياء وما ورد من حاجة الموتى إلى دعاء الأحياء وانتظارهم لذلك]
وقد تقدم في الباب الثاني أن القبر يقول: أنا بيت الظلمة وبيت الضيق إلا ما وسع الله.
قال ابن المبارك: وحدثنا صفوان بن عمرو حدثني سليم بن عامر قال: خرجنا في جنازة على باب دمشق ومعنا أبو أمامة الباهلي فلما صلى على الجنازة واخذوا في دفنها قال أبو أمامة: أنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تغنمون منه الحسنات والسيئات توشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر وهو هذا يشير إلى القبر بيت الظلمة وبيت الضيق إلا ما وسع الله ثم تنتقلون منه إلى يوم القيامة.
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن سلمة بن سعيد قال: كان هشام الدستوائي إذا ذكر الموت يقول: القبر وظلمة القبر ووحشة القبر: فلما مر بعض إخوانه إلى جنبات قبره قال: يا أبا بكر والله صرت إلى المحذور.
وروى بإسناده عن امرأة هشام الدستوائي قالت: كان هشام إذ طفىء المصباح غشيه من ذلك أمر عظيم فقلت له: إنه يغشاك أمر عظيم عند المصباح إذا طفىء قال: إني اذكر ظلمة القبر ثم قال: لو كان سبقني إلى هذا أحد من السلف لأوصيت إذا مت أن اجعل في ناحية من داري قال: فما مكثنا إلا يسيرا حتى مات قال: فمر بعض إخوانه به في قبره فقال: يا أبا بكر صرت إلى المحذور.
وقال الحسن بن البراء حدثني عند الوهاب بن غياض حدثني جمعة جارة لهشام الفردوسي قالت: كان هشام إذا رجع من جنازة لم يتعش تلك الليلة وكان لا ينام إلا في بيت فيه سراج قال: فطفىء سراجه ذات ليلة فخرج هاربا فقيل له: ما شأنك؟ قال: ذكرت ظلمة القبر.
وروينا حديث خالد بن خداش قال: كنت اقعد إلى أشيم البلخي عم قتيبة وكان أعمى وكان يحدث ويقول: أواه القبر وظلمته واللحد وضيقه وكيف اصنع؟ ثم