للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعم: حياه الله من أخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء قال: فدخل فإذا هو برجل تام الخلقة لم ينقص من خلقه شيء كما ينقص من الناس عن يمينه باب يخرج منه ريح طيبة وعن شماله باب يخرج منه ريح خبيثه إذا نظر عن يمينه ضحك واستبشر وإذا نظر عن شماله بكى وحزن والباب الذي عن يمينه باب الجنة فإذا نظر من يدخل من ذريته الجنة ضحك واستبشر والباب الذي عن شماله جهنم فإذا نظر من يدخل من ذريته جهنم بكى وذكر الحديث وقد خرجه بتمامه البزار في مسنده وأبو بكر الخلال وغير واحد وفيه التصريح بأن أرواح ذريته في الجنة والنار وأنه ينظر إلى أهل الجنة من باب عن يمينه وإلى أهل النار من باب عن شماله وهذا لا يقتضي أن تكون الجنة والنار في السماء الدنيا وإنما معناه أن آدم في السماء الدنيا يفتح له بابان في الجنة والنار ينظر منهما إلى أرواح ولده فيها وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم الجنة والنار في صلاة الكسوف١، وهو في الأرض، وليست الجنة في الأرض وروي أنه رآهما ليلة الإسراء في السماء وليست النار في السماء٢.

ويشهد لذلك أيضا ما في حديث أبي هارون العبدي - مع ضعفه - عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء الطويل إلى أن ذكر السماء الدنيا: "وإذا أنا برجل كهيئته يوم خلقه الله عز وجل لم يتغير منه شيء وإذا تعرض عليه أرواح ذريته فإذا كان روح طيبة وريح طيبة إجعلوا كتابه في عليين وأن كانت روح كافر قال: روح خبيثة وريح خبيثة إجعلوا كتابه في سجين قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: أبوك آدم"، وذكر الحديث ففي هذا أنه تعرض عليه أرواح ذريته في السماء الدنيا وأنه يأمر بجعل الأرواح في مسقرها من عليين وسجين فدل على أن الأرواح ليس محل مستقرها في السماء الدنيا.

وزعم ابن حزم أن الله خلق الأرواح جملة قبل الأجساد وأنه جعلها في برزخ وذلك البرزخ عند منقطع العناصر يعني حين لا ماء ولا هواء ولا نار وأنه إذا خلق الأجساد أدخل فيها تلك الأرواح ثم يعيدها عند قبضها إلى ذلك البرزخ وهو الذي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة أسري به عند سماء الدنيا أرواح أهل السعادة عن يمين آدم.


١ متفق عليه.
٢ متفق عليه.

<<  <   >  >>