وعن ابن السماك قال: لا يغرنك سكوت هذه القبور فما أكثر المغمومين فيها ولا يغرنك آسفوها فما أشك بقاهم فيها.
وعن أبي حازم الأعرج أنه شهد جنازة فوقف على شفير القبر فجعل ينظر إليه ثم رفع رأسه فقال لبعض أصابه: ما ترى؟ قال: أرى حفرة يابسة وأرى جنادل قال أبو حازم: أما والله لتحمدنه إلى نفسك أو لتكونن معيشتك فيه معيشة ضنكا فبكى بكاءا شديدا.
وعن حسين الجعفي قال: أتى رجل قبرا محفورا فاطلع في اللحد فبكى واشتد بكاؤه قال: أنت والله بيتي حقا والله إن استطعت لأعمرنك.
وعن عطاء السلمي أنه كان إذا جن عليه الليل خرج فوقف على القبور ثم قال: يا أهل القبور متم فواموتاه ثم بكى ثم قال: يا أهل القبور عاينتم ما علمتم فوا عملاه ثم يبكي فلا يزال كذلك حتى يصبح.
وعن علي بن أحمد قال: كان الأسود بن كلثوم يخرج إلى المقابر إذا هدأت العيون فيقول يا أهل الغربة والتربة يا أهل الوحدة والبلى ثم يبكي حتى يكان يطلع الفجر ثم يرجع إلى أهله.
وعن ثابت البناني قال: دخلت المقابر فقلت: يا أهل القبور فلم يجيبني أحد ثم قلت: يا أهل القبور فلم يجيبني أحد ثم أجاب عقلي: نحن مثلك كنا وأنت وكما نحن تكون.
قال ابن أبي الدنيا: وحدثنا إبراهيم بن سيار قال: قيل لبعض حكماء العرب: ما أبلغ العظات؟ قال: النظر إلى محلة الأموات ويروى نحو هذا الكلام عن عمر بإسناده ضعيف.
وكان العمري الزاهد يلازم المقابر ومعه كتاب لا يفارقه فقيل له في ذلك قال: ما شيء أوعظ من قبر ولا آنس من كتاب ولا أسلم من الوحدة.
وقال أبو محرز الطفاوي: كفتك القبور مواعظ الأمم السالفة.
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن محمد بن صالح التمار قال: كان صفوان بن سليم يأتي البقيع في الأيام فمر بي فاتبعته ذات يوم وقلت: والله لأنظرن ما يصنع.