مازالت الأيام تلعب بالفتى ... والمال يذهب صفوه وحلاله
وروى البراء بإسناده عن الفضيل بن عياض قال: رأيت رجلا يبكي قلت: وما يبكيك؟ قال: أبكاني كلامه قلت: ما هو؟ كنا وقوفا في المقابر فأنشدوا:
أتيت القبور فسائلتها ... أين المعظم والمحتقر
وأين المذل بسلطانه ... وأين القوي إذا ما قدر
ففاتوا جميعا فما مخبر ... وماتوا جميعا ومات الخبر
فيا سائلي عن أناس مضوا ... أمالك فيما ترى معتبر؟
تروح وتغدوا وأبلاك الثرى ... فتمحوا محاسن تلك الصور
وقد روى عن جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار أنه قال: أتيت القبور فناديتها فذكر الأبيات الثلاثة ثم قال: فهتف بي هاتف:
تفانوا هناك فما من مخبر ... وبادوا جميعا وباد الخبر
فذكر الأبيات الثلاثة أيضا:
وروى ابن البراء أيضا، بإسناده أن قبرا أصيبت عليه هذه الأبيات مكتوبة:
الموت أخرجني من دار مملكتي ... فالتراب مضجعي من بعد ترفي
لله عبد رأي قبري فأعبره ... وخاف من دهره ريب التصاريفي
أستغفر الله من جرمي ومن حنقي ... وأسأل الله فوزي يوم توفيقي
هكذا مصير بني الدنيا وإن نعموا فيها ... وغرهم طول التساويقي
وروى ابن الدنيا بإسناده له أنه قرأ على قبر بشيراز:
ذهب الأحبة بعد طول تودد ... ونأى المزار فأسلموك واتشعوا
خذلوك أفقر ما تكون بغربة ... لم يؤنسوك وكربك لم يدفعوا
قضى القضاء وصرت صاحب ... عند الأحبة عرضوا وتصدعوا
وبإسناده له قال: قرئ على قبر بمقابر البصرة مكتوب: