للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

"لا يحتج به" (١) أو "غير محتج به" (٢) .. إلى آخره. فيظن الدارس أنه يسقطه تمامًا. والصواب أنه ليس كذلك فإنه يأتي إلى التفصيل الضروري المطلوب في حينه فيقول -مجرحًا له تجريحًا مقيدًا-: "لا يحتج به خاصة إذا روى عن أهل الحجاز" (٣). أو مُعَدِّلًا له تعديلًا مقيدًا: "ما روى عن الشاميين صحيح، وما روى عن أهل الحجاز فليس بصحيح" (٤).

وقد صرّح بمنهجه هذا، ومراده من عبارته "لم يحتجّ به" في إطلاقها على هؤلاء الرواة في قوله عن شريك القاضي: "لم يحتج به أكثر أهل العلم بالحديث. وإنما ذكره مسلم بن الحجاج في الشواهد" (٥). فإنما أراد لم يحتج به الحفاظ عند تفرده ومخالفته لمن هو أوثق منه. وإنما يصلح أمثاله في المتابعات والشواهد والاعتبار به.

وقد كان الإِمام الحافظ عثمان بن سعيد الدارمي يستعمل هذه العبارة بهذا المقصود فيقول مثلًا: "ليس أبو بكر النهشلي ممن يحتج بروايته. أو تثبت به سنّة لم يأتِ بها غيره" (٦) أي إنه لا يحتمل التفرد، ولا يصلح إلَّا في المتابعات والشواهد، والاعتبار به.

وهذه القضية أخذت من اهتمام البيهقي وجهده الشيء الكثير لأهميتها وإمكان التباسها على غير أولي الشأن فكان لها بالمرصاد. فقام بكشفها في سائر الكتاب، وذلك لأنّ الحديث الذي يتفرد بروايته مَنْ لا يحتمل عنه التفرد كالمقارب والمستور والضعيف هو عند المحدثين حديث منكر مردود (٧).


(١) البيهقي- السنن الكبرى: ٣/ ٣٨.
(٢) المصدر السابق: ٤/ ١٥٠.
(٣) البيهقي - السنن الكبرى: ١/ ٢٤٠.
(٤) المصدر السابق: ١/ ١٤٢.
(٥) المصدر السابق: ١٠/ ٢٧١.
(٦) المصدر السابق: ٢/ ٨١.
(٧) السخاوي- فتح المغيث: ١/ ٢٠٢، د. عجاج الخطيب- المختصر الوجيز: ١٥٦.

<<  <   >  >>