للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأودي: "لم يحتج به الشيخان" (١). مع أنّ داود هذا ثقة روى له أصحاب السنن الأربعة (٢) إلَّا أنه هنا خالف في حديثه هذا حديثًا أخرجه مالك والبخاري. ولمَّا تعذّر على البيهقي الجمع بينهما بطريقة مساغة، عمد إلى الترجيح بينهما. فرأى أنّ رجال البخاري ومالك إذا قيسوا برجال السند الثاني الذي فيه الأودي رجَحوا عليهم.

ويتضح منهج البيهقي جليًا حينما نستعرض بقية العبارات المستوحاة من هذا المنهج الترجيحي، فهو يقول كذلك: "غيره أثبت منه" (٣).

ويقول: "غيره أوثق منه" (٤) أو"أقوى منه". فهذا عند الإِمام البيهقي ليس بجرح بمعنى الجرح، وإنما هو اصطلاح للتمييز بين الثقات عند الاختلاف من حيث المرتبة.

وهو أقرب إلى روح العلل من حيث النظرة النسبية التي تؤدي إلى أنَّ الثقات على مراتب متفاوتة وليسوا في درجة واحدة (٥) وتبرز قيمة هذا الفهم في مثل هذه الحالات المستعصية، والتي تتطلب الترجيح عند الاختلاف بين الرواة الثقات المتفاوتين في درجاتهم تفاوتًا دقيقًا لا يكاد يبين. وقد نصّ الحافظ العراقي على هذه الدقيقة في الترجيح، وعدّها في جملة المعايير المؤدية إلى الترجيح عند إلاختلاف بين المرويات المقبولة. فعدّ منها "كون أحدهما اتفق عليه الشيخان" (٦).

* * *


(١) البيهقي- السنن الكبرى: ١/ ١٩٠.
(٢) المزي- تهذيب الكمال: ١/ ٣٨٦ - ٣٨٧، ابن حجر- التقريب: ١/ ٢٣٣.
(٣) انظر مراتب الجرح والتّعديل في هذا المبحث.
(٤) المصدر السابق.
(٥) د.-همام- العلل في الحديث: ٢٣.
(٦) العراقي- التقييد والإيضاح: ٢٥٠.

<<  <   >  >>