وبالجملة، فقدْ فقدَ الإسلام حيويته، وبقي طقوسا بلا روح وهبوطا بعيد القرار، فلو عاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وشاهد ما كان عليه الإسلام في ذلك الوقت لغضب غضبا ولصب اللعنة على معتنقيه المرتدين عبدة الأوثان. فبينما الإسلام كذلك في ظلام داهم إذا بصوت عال يدوي من قلب الصحراء الواسعة - مهد الإسلام - يدعو المسلمين إلى الرجوع إلى النهج القويم، وصاحب هذا الصوت هو المصلح المشهور محمد بن عبد الوهاب الذي أوقد نار الإصلاح، فَعَلاَ لهيبها واندلعت ألسنتها إلى جميع أرجاء العالم الإسلامي. وكان الرجل يحث المسلمين على إصلاح النفوس وعلى استعادة المجد والعز القديمين وبهذا ابتدأت اليقظة الإسلامية الجبارة. نعم ابتدأت اليقظة الحديثة في العالم الإسلامي بدعوة هذا المصلح العظيم الذي دعا الناس إلى تصحيح مفهوم التوحيد وتنقيته من شوائب الشرك -ما ظهر منها وما بطن-، ودعا إلى منهج السلف الصالح في فهم العقائد الدينية السهلة السائغة للعقول، وإلى نبذ تعقيدات المتكلمين والفلاسفة والصوفية منها، ودعا إلى نبذ ما شوه الشريعة من البدع والتحريفات. وقصارى القول أن هذه الدعوة تدعو إلى الإسلام على صورته التي وضعها صاحب الشريعة، فكانت بذلك توقظ العقول النائمة وتحرك الهمم الراقدة، وتعيد إلى القلوب حرارة الإيمان، وتطهر النفوس من أدناس الخرافات والأوهام، فحق ما يقال إنها هي الشعلة الأولى لليقظة الإسلامية في العصر الحديث، وأن جميع الحركات الإصلاحية التي ظهرت في سائر الأقطار الإسلامية في العصر الحديث لها صلة بها ومتأثرة بها ومدينة لها". وفي رأيي أن ستود دارد لا يجافي الإنصاف حين يقول: "وحدث انفجار الوعي الإسلامي الأول في قلب صحراء شبه الجزيرة مهد الإسلام،