للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولما ذكر شيخ الإسلام تقي الدين رحمه الله تعالى أشياء ذكرها عن السلف عامة وعن مالك خاصة، قال: وهذا الذي ذكرنا عن السلف ومالك يبين حقيقة الحكاية المأثورة عنه التي ذكرها القاضي عن محمد بن حميد قال ناظر أبو جعفر إلخ.

قال رحمه الله: فهذه الحكاية على هذا الوجه إما أن تكون ضعيفة أو مغيرة، وإما أن تفسر بما يوافق مذهبه [إذ قد يفهم منها ما هو خلاف مذهبه] ١، المعروف بنقل الثقات من أصحابه، فإنه لا يختلف مذهبه أنه لا يستقبل القبر عند الدعاء، وقد نص أنه لا يقف عنده للدعاء مطلقا -إلى أن قال- وأما الحكاية في تلاوة مالك هذه الآية {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ} الآية فهو والله أعلم باطل فإن هذا لم يذكره أحد من الأئمة فيما أعلم. ولم يذكر عن أحد منهم أنه استحب أن يسأل بعد الموت الاستغفار ولا غيره. وكلامه المنصوص عنه وعن أمثاله ينافي ذلك، وإنما يعرف مثل هذا في حكاية ذكرها بعض المتأخرين من الفقهاء عن أعرابي أنه أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وتلا هذه الآية،

وأنشد:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم

ولهذا استحب طائفة من متأخري الفقهاء من أصحاب الشافعي


= ما رأيت أحدا أجرأ على الله منه وأحذق بالكذب منه، وقال يعقوب بن شيبة: كثير المناكير، وقال النسائي: ليس بثقة. وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالمقلوبات ٠٠ وهذه الحكاية لم يذكرها أحد من أصحاب مالك المعروفين بالأخذ عنه، ومحمد بن حميد ضعيف عند أهل الحديث إذا أسند فكيف إذا أرسل حكاية لا تعرف إلا من جهته " انظر مجموع الفتاوى "١ / ٢٢٨"
١ ما بين المعكوفين سقط من "ب".

<<  <   >  >>