للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اذكر أحب الناس إليك. وأن ابن عباس قاله لآخر. فقال أحدهما: محمد. وقال الآخر: يا محمد.

وليس له في هذا حجة على طلب الحاجات من الأموات والغائبين.

والقائل لم يقل ادع أحب الناس إليك. والمقول له لم يقل يا محمد أزل خدر رجلي. فإن صح الأثر فلعل المعنى في ذلك أنه توسل إلى الله بمحبة نبيه.

وأحدهما لم يأت بحرف النداء وذكرها أحدهما، فلعل هذا مثل قولنا: السلام عليك أيها النبي، السلام عليك يا رسول الله. وخدر الرجل من نوع الضر١، والمحتج بذلك يحتج به على جواز طلب كشف الضر من النبي صلى الله عليه وسلم وغيره وقد قال الله تعالى:

{قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} [الجن:٢١] . أي لا أقدر على كشف ضر نزل بكم ولا جلب خير إليكم. أي إن الله يملك ذلك لا أنا. وقال: {قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} . [الإسراء: ٥٦] . وقد ذكرنا فيما تقدم أن مفسري الصحابة والتابعين ذكروا أن الآية نزلت فيمن يعبد الملائكة والمسيح وأمه وعزيرا والجن. والآية تعم كل مدعو من دون الله.

فإذا كان الملائكة الذين يكونون وسائط فيما يقدره الله بأفعالهم لا يملكون كشف الضر عمن دعاهم ولا تحويله من حال إلى حال فغيرهم أولى. فإذا كان هؤلاء المذكورون لا يستجيبون لمن دعاهم فهم داخلون تحت قوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف:٥،٦] وغيرها من الآيات فكيف تعارض نصوص القرآن بمثل ذلك.

ومضمون دعوى المحتج بذلك: أن الشفاء يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم وكان


١ في "ط" " الضرر".

<<  <   >  >>