فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن معجزات الأنبياء–عليهم الصلاة والسلام-كانت من النوع الذي يقر به أهل أزمنتهم معه على صدق من تظهر منه لأنها كانت خارقة للعادة بصورة لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله في زمانهم من الأمور الحسية التي تبهر الأسماع والأبصار، ومن ثَم العقول، فتذعن لصاحبها بالصدق.
وأما محمد صلى الله عليه وسلم فكانت معجزته علمية عقلية مصدرها الوحي الرباني الذي يكون لإدراكه، ومعرفة كنهه، وحقيقته فسحة عمر الإنسانية، ومضي الزمان الذي يعيش فيه الإنسان فوق هذه الأرض، فلا تنقضي عجائبه، ففي كل زمان يظهر من هذا الوحي علامة بينة، وبرهان ساطع، وآية واضحة على صدق من جاء بهذا الوحي، وأنه نبي مرسل من عند الله تعالى العليم الخبير.
وكلمة "الوحي" هنا تشمل القرآن الكريم المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم والسنة المطهرة التي عُلِّمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن كليهما من الوحي الذي جاء به محمد من قبل ربه–جل جلاله-: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ
(١) رواه البخاري في فضائل القرآن باب كيف نزل الوحي، وأول ما نزل (٤٩٨١) ٨/٦١٩ وطرفه (٧٢٧٤) ورواه مسلم في الإيمان (١٥٢) ١/١٣٤/ وأبو عوانة في المسند١/،١١٠وأحمد في المسند ٢/٣٤١و٤٥١، والبيهقي في دلائل النبوة٧/١٢٩.