ذكرت فيما سبق وجوه الإعجاز في القرآن العظيم الموحى به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما هي وجوه الإعجاز في السنة النبوية المطهرة؟
أقول في الجواب: لقد سبق أن ذكرت أن السنة النبوية وحي من عند الله تعالى علمه إياها، وليست أقوالاً من عند محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي وصل إليها بسعيه وجده، لذلك لا بُدَّ أن تكون وجوه الإعجاز فيها هي وجوه الإعجاز في القرآن الكريم نفسها، اللهم إلا الطرف الأول من الوجه الأول، أقصد: إعجازه اللغوي والصرفي والبلاغي، والبنائي لأن ذلك كان في جانب القرآن لأنه كلام الله أما السنة فاختيار الألفاظ والكلمات من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلذلك كانت بشرية الألفاظ، فلم تكن معجزة من هذا الجانب.
وفي مقال للشيخ مصطفى الزرقا–يرحمه الله- ذكر الفرق بين أسلوب القرآن والسنة، فقال: الفرق عظيم جداً بين أسلوب الحديث النبوي، وأسلوب القرآن في طريقة البيان العربي، فبينهما شقة واسعة لا يشبه أحدهما الآخر لدى أهل البصر باللغة وأساليبها، وبالمأثور المألوف من بيانها قديمه وحديثه، وإن هذا التفاوت الكبير في الأسلوبين إذا أنعم الإنسان فيه، وكان ذا ملكة بيانية لا يترك لديه مجالاً للشك والريبة في أن الحديث النبوي، والقرآن صادران عن مصدرين مختلفين.
فالحديث النبوي جاء كله على الأسلوب المعتاد للعرب في التخاطب تتجلى فيه لغة المحادثة، والتفهيم، والتعليم، والخطابة في صورها ومناهجها