لكل نبي من أنبياء الله الكرام معجزة يعرف بها، يظهرها الله تعالى على يديه تكون دافعاً لقومه على الإيمان به وتصديقه بأنه نبي من عند الله تعالى، لأن كل دعوى لا بد أن يكون عليها دليل، وجرت سنة الله تعالى في هذه المعجزات أن تكون وفق ما مهر فيه قوم كل نبي، مع التفوق الكبير الذي تتصف به المعجزة في ذلك المجال ذاته ليظهر صدق النبي بصورة واضحة للعيان لا ريب فيها، وليعظم أثر تلك المعجزة في النفوس. فنوح–عليه السلام- أوتي من الجدل الذي اضطر معه قومه أن يقولوا له عند فقدانهم للحجة عليه:{قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}[هود: ٣٢] .
وقوم فرعون عندما كانوا يعتمدون على السحرة في كثير من شؤونهم، وكان للسحرة مكانتهم في المجتمع، حيث كان الساحر يخيل لأعين الناس بفعل غير واقع، وكأنه واقع، جاءت معجزة موسى-عليه السلام-على وفق ذلك، فلما ألقى السحرة حبالهم وعصيهم خيل للناس من سحرهم أنها تسعى، فلما ألقى موسى-عليه السلام- عصاه انقلبت ثعباناً حقيقياً ابتلع حبال السحرة وعصيَّهم، علم السحرة– وهم أدرى الناس بنوع أفعال السحرة- أن هذا الأمر الذي جاء به موسى- عليه السلام-ليس من جنس أفعالهم، فكانوا لذلك أول من أذعن لهذه المعجزة.
وهكذا كانت معجزة عيسى-عليه السلام- في إحياء الموتى، وإبراء الأكمه، والأبرص من جنس ما برع اليهود فيه من علم الطب.