هذا بالنسبة لما في القرآن الكريم أما خوارق العادة التي جاءت في السنة النبوية، فقد أطلق عليها علماء السنة "علامات النبوة" كما جاء في أبواب صحيح البخاري، وكذا " دلائل النبوة " ألف بهذا الاسم كتباً أئمة مثل: أبي نعيم، والبيهقي، والماوردي، والفريابي"
ولكن العلماء لم يفرقوا بين الدلائل والمعجزات، لأن الأصل في المعجزة أن تكون أمام من ينكر النبوة، وأما الدلائل فهي أعم من ذلك فقد تكون أمام المؤمنين تقوي إيمانهم، وأمام غيرهم تدلهم على أن من ظهرت على يده هو مؤيد من قبل الله تعالى.
وقد قام كثيرون ممن تحدث عن المعجزة بتعريفها تعريفاً جديداً ليدخل فيها ما عُدّ حديثاً من أوجه الإعجاز، وقد اخترت تعريفاً أرجو أن يكون موفقاً، ويكون جامعاً مانعاً، وهو: "المعجزة أمر يجريه الله تعالى على يد نبيه، أو علم يبديه في قوله، لا يقدر أحد من الخلق على الإتيان بمثله في زمانه، يكون دليلاً على نبوته لخروجه عن طاقة الخلق".
فيكون التعريف جامعاً لجميع الوجوه التي تعد من الإعجاز حسب ما أرى، وإني أرى أن ما عُدّ من دلائل النبوة، وعلاماتها هو من الإعجاز بلا شك ولا ريب؛ لأن خرق العادة فيها كان لإثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أجراه الله ـ عز وجل ـ ليؤكد للمؤمنين إيمانهم، ويزيدهم رسوخاً في هذا الإيمان، والتسليم لرسول الله المصطفى صلى الله عليه وسلم ما قاله، وشرعه، وأمر به، وذلك لأن خرق العادة له بمنزلة قول الله سبحانه"صدق عبدي بما يقول"، والفاعل فيها هو الله تعالى وحده لا شريك له إذ ليست من طبيعة فعل البشر.