تدوين السنة النبوية في القرنين الثاني والثالث للهجرة
إعداد الدكتور محمد بنكيران
بسم الله الرحمن الرحيم
[مدخل]
تعد عملية تدوين السنة النبوية واحدة من أهم العمليات في تاريخ الإسلام على نحو عام، أفنى فيها أجيال من العلماء أعمارهم، وركزوا فيها أخلص جهودهم، واستخدموا لإنجاحها نبوغهم وإبداعهم وثاقب فكرهم، ونالت من اهتمامهم وعنايتهم الشيء الكثير، وهي تحظى في الدرس الحديثي بمكانة خاصة ومتميزة من حيث قيمتها والأهمية التي تكتسبها، وذلك لكونها المرآة المجلية لطبيعة عمل المحدثين تجاه السنة النبوية وحقيقته وآثاره، والمبرزة للمقاصد والأغراض التي كانوا يطمحون إلى تحقيقها من وراء هذه العملية والتي وجد فيها ما هو منهجي، وما هو نقدي، وما هو عقدي، وما هو أصولي، وما هو فقهي استنباطي، وما هو حضاري. وبناء على هذا فهي بوابة رئيسة لأكثر من مجال، وميدان خصب بالدلالات والإشارات، ومفتاح للرؤية الشمولية والنسق العام الذي تحرك في إطاره المحدثون في خدمتهم للسنة النبوية وعنايتهم بها، وهي الواجهة التي تعكس حقيقة اتجاهاتهم واختياراتهم، الأمر الذي يجعل من هذه القضية إحدى القضايا التي تتطلب الدرس العميق والبحث الموسع.