للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال الحافظ ابن رجب في شرحه: "... ومنهم من لم يشترط الصحة وجمع الصحيح وما قاربه وما فيه بعض لين وضعف، أكثرهم لم يثبتوا ذلك، ولم يتكلموا على التصحيح والتضعيف، وأول من علمناه بين ذلك أبو عيسى الترمذي رحمه الله، وقد بين في كلامه هذا أنه لم يسبق إلى ذلك، واعتذر بأن هؤلاء الأئمة الذين سماهم صنفوا ما لم يسبقوا إليه فإذا زيد في التصنيف بيان العلل ونحوها كان فيه تأس بهم في تصنيف ما لم يسبق إليه، وقد صنف ابن المديني ويعقوب بن شيبة مسانيد معللة، وأما الأبواب المعللة فلا نعلم أحدا سبق الترمذي إليها، وزاد الترمذي أيضا ذكر كلام الفقهاء وهذا كان قد سبق إليه مالك في الموطأ وسفيان في الجامع" (١) .

لكن بيَّن الدكتور نور الدين عتر وجوها من التميز لدى الترمذي في هذا المجال أغلبها يعود إلى جانب الشكل وطريقة العرض والإخراج، وجعل من أهمها عقده بابا لكل مذهب فقهي فقال: "وتفرد الترمذي بتعديد الأبواب للمسألة في كتابه، وذلك أنه يعقد بابا للدليل الناسخ وبابا آخر للمنسوخ من الحديث، وكذلك يترجم للمذاهب الخلافية لكل طائفة ترجمة مستقلة ويذكر في الباب أدلتها من السنة وذلك كثير في كتابه" (٢) .

وأما سنن الإمام النسائي المسماة بالمجتبى لكونها مختصرة من الكبرى فقد ظهر رسوخ صاحبها وتمكنه وضيق شرطه في قيمتها ومنزلتها عند العلماء الذين ذهب بعضهم إلى جعلها في المرتبة بعد الصحيحين مباشرة، كما هو


(١) شرح علل الترمذي ص ٥٦.
(٢) الإمام الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين ص ٢٨٠.

<<  <   >  >>