للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الصورة في النقل والرواية تعويلا تاما، في حين قطع المتأخرون صلتهم بها وأحلُّوا بدلها الرواية من الكتب. ونص كلامه في ذلك: "هذا وكان العلماء في الأدوار السابقة لا يعتمدون إلا الرواية الشفاهية في نقل الأحاديث، ولا يعولون على مجرد الكتب حتى ينقلوا أحاديثها بطريق السماع من مؤلفيها، ولو كلفهم ذلك أن يرحلوا الشهور الطوال. أما في هذا الدور السادس فقد لفظت فيه الرواية الشفهية أنفاسها، وذهب من بين الرواة ريحها، وطغى عليها التدوين الذي بلغ أشده في ذلك الوقت؛ لهذا جعل العلماء الحد الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين من رواة الحديث وحملته هو رأس سنة ثلاثمائة، كما قرَّره الحافظ الذهبي في خطبة ميزانه" (١) .

والجدير بالذكر أن الرواية في هذا العهد ازدادت انتشارا وعرفت توسعاً كبيراً، ووجدت فنون أخرى واهتمامات جديدة عند المحدثين لم تكن من قبل، وطبيعي أن يكون في هذا القرن من جراء ذلك عدد هائل من المصنفين من المشرق والمغرب يفوق بكثير ما كان في القرن السابق، ويمكننا أن نذكر منهم: أبا جعفر محمد بن جرير الطبري (ت٣١٠هـ) وأبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة (ت٣١١هـ) وأبا عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ابن يزيد الإسفراييني (ت٣١٦هـ) وأبا القاسم عبد الله بن محمد البغوي (ت٣١٧هـ) وأبا جعفر أحمد بن محمد الطحاوي (ت٣٢١ هـ) وأبا عمران موسى بن العباس بن محمد الجويني (ت٣٢٣هـ) وأبا حامد أحمد بن محمد بن الحسن النيسابوري المعروف بابن الشَّرْقي (ت٣٢٥هـ) ومحمد بن


(١) الحديث والمحدثون ص ٤٢٤.

<<  <   >  >>