بموجبه بارزة أكثر وراسخة ومحددة لطبيعة صلة الأمة بالكتاب والسنة، وانتسب الناس من حيث عملهم بفروع الشريعة إلى إحدى المذاهب السائدة، بعد أن لم يكن الأمر على هذه الصورة في القرن السابق.
وفي هذا الإطار أيضا ألَّف أبو جعفر الطحاوي (ت٣٢١هـ) كتابه "شرح معاني الآثار" رتبه على الكتب والأبواب وذكر فيه ما يتعلق بالأحكام الشرعية من الآثار مبينا الناسخ من المنسوخ، والمطلق من المقيد، وواجب العمل منها من غيره، وَبيَّنَ أن قصده الرد على أهل الإلحاد والزندقة.
وأما الاتجاه الآخر فقد جعل الكتب المتقدمة مركز دراسته ومحور اهتمامه فاشتغل عليها بالاستخراج أو بالاستدراك أو بالفهرسة، ويُظْهِرُ هذا الاتجاه هاجسا آخر لا يقل عن الآخر أهمية، وهو رغبة المحدثين في الجمع الشامل والموسوعي لمتون السنة النبوية التي يعتقدون أنه لم يضع منها شيء.
وقد كان للصحيحين الحظ الأوفر من عناية أصحاب هذا الاتجاه؛ فالمستخرجات ارتبطت بهما بالدرجة الأولى والاستدراكات كذلك وكتب الأطراف والفهارس اتجهت في البداية إليهما.
وهكذا استخرج كل من أبي بكر الإسماعيلي (ت٣٧١هـ) وأبي أحمد ابن الغطريف الغطريفي (ت٣٧٧هـ) وابن أبي ذهل الضبي (ت٣٧٨هـ) على صحيح البخاري، واستخرج أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني (ت٣١٦هـ) ، وكذا أبو بكر الجوزقي (ت٣٨٨هـ) على صحيح مسلم، واستخرج عليهما معا أبو علي الماسرجسي (ت٣٦٥هـ) ، وكذا أبو بكر الجوزقي (ت٣٨٨هـ) .
والمستخرج عند المحدثين هو كما عرفه الكتاني رحمه الله أن يأتي المصنف