للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بالحديث، بناء على التحسيس بالعجز عن التمييز بين المقبول والمردود في أغلب النصوص، ومما قاله الحاكم بصدد ذلك: "فمن هؤلاء الأئمة أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج رضي الله عنهما، صنفا في صحيح الأخبار كتابين مهذبين، انتشر ذكرهما في الأقطار، ولم يحكم واحد منهما أنه لم يصح من الحديث غير ما أخرجاه، وقد نبغ في عصرنا هذا جماعة من المتبدعة يشمتون برواة الآثار بأن جميع ما يصح عندكم من الحديث، لا يبلغ عشرة آلاف حديث وهذه الأسانيد المجموعة المشتملة على ألف جزء أو أقل أو أكثر منه كلها سقيمة غير صحيحة.." (١) ، ثم ربط تأليفه للكتاب بهذا.

ونلمس في غير المستدرك من كتاباته، ولا سيما في المدخل إلى الصحيح على وجه الخصوص حضوراً قوياً لهذا الانشغال، فكأنه أراد بالمستدرك الرد العملي على مقولات هؤلاء المشككين وإثبات أن ما يصح من الحديث حتى حسب أضيق الشروط كثير يصعب حصره.

ولقد كان من أثر هذه الأعمال بالإضافة إلى ما سبق أن أكدت للأمة المكانة العالية للصحيحين، ودفعت إلى مزيد التشبث بهما، وسَعَتْ من ناحية ثانية إلى فتح الباب لمحاولات أخرى جديدة على هذا النحو، نظراً لكون عمل الشيخين تم على سبيل الاختصار وليس الاستقصاء.

وأما في مجال الفهرسة فقد صنف إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي


(١) المستدرك ج١: ٤١-٤٢.

<<  <   >  >>