والتدقيق في استعمال المصطلحات في هذه القضية، وحيث إنه من المؤكد أن السنة النبوية خضعت للتطور من هذه الناحية، فإن المراحل التي تدرجت عبرها منها ما ينبغي أن يسمى كتابة لا غير، ومنها ما ينبغي أن يسمى تدوينا لكونه لا ينطبق عليه إلا معنى التدوين، ومنها ما ينبغي أن يسمى تصنيفا لتوافر كل مواصفات التصنيف فيه.
وبناء على هذا: نعدُّ الدكتور فؤاد سيزكين موفقا حينما قسم أطوار كتابة السنة النبوية إلى ثلاث مراحل: أولاها مرحلة الكتابة، والثانية مرحلة التدوين، والثالثة مرحلة التصنيف (١) .
ونعني بالكتابة ما تم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وذلك في القرن الأول الهجري، وكان التدوين في نهاية هذا القرن على يد ابن شهاب الزهري بأمر من الخليفة عمر بن عبد العزيز (ت ١٠١هـ) ، وبعده مباشرة بدأت عملية التصنيف التي توسع فيها جيل تلامذة الزهري رحمه الله.
وليس هناك من الناحية الزمنية تماثل بين هذه المراحل كما هو واضح، فمرحلة التدوين هي أقصر المراحل، وقد تمَّ في وقت قياسي؛ لأن عمر بن عبد العزيز هو الذي كان الآمر للزهري به؛ ولم تستغرق خلافته أكثر من سنتين، وما مات حتى أكمل الزهريُّ مهمته، بينما استغرقت الكتابة قرنا كاملا، أما التصنيف فاستغرق أضعاف ذلك.
هذه هي أهم النقاط التي كان لابد من التنبيه لها وبيانها بين يدي هذا