للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشركي مكة يخبرهم فيه بمسير النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، وكان النبي عليه الصلاة والسلام قد أخفى وجهة سيره، لئلا تستعد قريش للقتال، وكان الدافع لحاطب رضي الله عنه لكتابة هذا الكتاب هو مصلحة شخصية، ومع ذلك لم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم بردته، ولم يُقمْ عليه حدَّ الردة"١"، فدلَّ ذلك على أن ما عمله ليس كفراً مخرجاً من الملة"٢".


"١" أخرج حديث قصة حاطب رضي الله عنه البخاري في الجهاد، باب الجاسوس "٣٠٠٧"، ومسلم في الفضائل "٢٤٩٤"، وقال النووي في شرح مسلم ١٦/٥٧،٥٦ عند شرحه لقصة حاطب: "قال العلماء: معناه الغفران لهم أي لأهل بدر في الآخرة، وإلا فلو توجَّه على أحد منهم حد أو غيره أُقيم عليه في الدنيا، ونقل القاضي عياض الإجماعَ على إقامة الحد، وأقامه عمر على بعضهم، وضرب النبي صلى الله عليه وسلم مِسْطحاً الحد وكان بدرياً"، وقد حكى الإجماع أيضاً على وجوب إقامة الحدود على أهل بدر ابن بطال في شرح البخاري ٨/٥٩٧، والحافظ في الفتح ٧/٣٠٦، والعيني في عمدة القاري ٢٤/٩٥، وقد يكون نقله عن التوضيح، ونقل قول النووي ابن مفلح في الفروع ٦/١١٥ وعلي القاري في المرقاة ٥/٦٣١ مقرَّين له. وينظر: كلام الشيخ عبد اللطيف السابق.
"٢" قال ابن العربي في تفسير أول سورة الممتحنة: "من كثرتطلعه على عورات المسلمين ويُنبِّه ويُعَرِّف عدوَّهم بأخبارهم لم يكن بذلك كافراً إذا كان فعله لغرض دنيوي واعتقاده على ذلك سليم، كما فعل حاطب بن أبي بلتعة حين قصد بذلك اتخاذ اليد ولم ينوِ الردة عن الدين"، وقد ذكر مثل هذا القول أبوعبد الله القرطبي في تفسيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>