للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

....................................................................


وقال أبوالعباس القرطبي في المفهم ٦/٤٤٢ عند شرحه لقصة حاطب: "ومن جملة ما فيه من الفقه: أن ارتكاب الكبيرة لا يكون كفراً"، وقال القاضي عياض ٧/٣٩٥: "فيه أن التجسس لا يخرج عن الإيمان"، وقال النووي في شرح مسلم ١٦/٥٥: "فيه أن الجاسوس وغيره من أصحاب الذنوب الكبائر لا يكفرون بذلك، وهذا الجنس كبيرة قطعاً؛ لأنه يتضمن إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم، وهو كبيرة بلا شك، لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ} [الأحزاب:٥٧] "، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى ٧/٥٢٣ عند كلامه على الكفار: "وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو حاجة، فتكون ذنباً ينقص به إيمانه، ولا يكون به كافراً، كما حصل من حاطب لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله فيه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة:١] ، وكما حصل لسعد بن عبادة لما انتصر لابن أُبَي في قصة الإفك، فقال لسعد بن معاذ: والله لا تقتله، ولا تقدر على قتله. قالت عائشة: وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً، ولكن احتملته الحمية. ولهذه الشبهة سَمَّى عمرُ حاطباً منافقاً.. فكان عمر متأولاً في تسميته منافقاً للشبهة التي فعلها".
قلت: ولهذا التأويل من عمر مع أن عمل حاطب ليس ردة أورد البخاري قصته في الأدب باب من لم ير إكفار من قال ذلك أي قال لأخيه: يا كافر ونحوه متأولاً، وفي استتابة المرتدين باب في المتأولين.
وقال الحافظ ابن القيم في زاد المعاد ٣/٤٢٤،٤٢٣ بعد ذكره لهذه القصة: "وفيها: أن الكبيرة العظيمة مما دون الشرك قد تكفر بالحسنة الكبيرة الماحية".

<<  <  ج: ص:  >  >>