للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حاله ليتخلص به، فطالبه بالشاهد، ويؤيد ذلك أن أبا موسى لما رجع مع أبي سعيد الخدري وشهد له قال عمر: إني لا أتهمك لكني خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما توقف عائشة عن قبول خبر ابن عمر أيضاً: ليس لأنها لا تقبل خبر الواحد، وإنما لسبب خاص وهو أنها رأت ابن عمر قد وهم في رواية الحديث ونسب إلى النبي شيئاً لم يَقُله عن طريق الوهم، فأرادت أن تبين الحق في ذلك، فبينت أنَّ المراد بذلك الحديث هو "الكافر" وليس المؤمن. وهذا وارد بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه" (١) .

وذكر ابن حجر: "أن عائشة رضي الله عنها توقفت عن قبول خبر ابن عمر لأنه عارض القطعي حيث استدلت بقوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [سورة فاطر آية:١٨] فهي لم تردَّه لكونه خبرَ واحدٍ.

أما توقف عمر في خبر فاطمة بنت قيس أيضاً فليس لأنه لا يقبل خبر الآحاد، وإنما لسبب خاص بفاطمة ويؤيد ذلك قوله: "لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري صدقت أم نسيت" فقوله: "نسيت" صريح في سبب الرد (٢) .

وأما استحلاف عليٍّ للمخبر ليس لأنه لا يقبل خبر الواحد، وإنما كان عليٌّ رضي الله عنه يحتاط لنفسه، فكان لا يقبل خبر الواحد، إلا إذا حلف


(١) صحيح البخاري ج ٣ / ١٥٠. كتاب الجنائز. باب قول النبي صلي الله عليه وسلم يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه إذا كان النوح من سنته رقم /١٢٨٨.
(٢) الإحكام للآمدي ج ٢ / ٦١. المستصفى ج ١ / ١٥٤.

<<  <   >  >>