[المبحث الثاني: جهود العلماء في التأليف والدفاع عن حجية خبر الآحاد]
يتسم أسلوب العلماء في دفاعهم عن حجية خبر الآحاد بالإسهاب والإيعاب والقوة، مما ينبئ عن كثرة الدوافع التي دفعتهم للإفاضة في الاستدلال، وأهم هذه الدوافع ثلاثة.
الأول: قوة الخلاف وكثرة التشغيب اللذان يوردهما المخالفون.
الثاني: رغبة هؤلاء العلماء في استئصال تشغيب المخالفين المنكرين لحجية خبر الواحد مطلقاً، أو لحجيته في العقائد.
الثالث: خطورة الأثر الذي يخلفه القول بعدم حجية خبر الواحد من حيث إفضاؤه إلى إنكار معظم السنة، فإذا ترك هذا القول دون تفنيد فربما يغتر به الكثيرون في رد السنن.
ويتعين استحضار هذه الدوافع أثناء تتبع استدلالات العلماء، حتى إذا نبتت نابتة جديدة تدعو إلى رفض خبر الواحد جملة أو إلى رفضه في العقائد ووجهت بهذه الأدلة الموعبة، وأضيفت إليها أدلة أخرى قد تستنبط بالنظر في نصوص أخرى في الشرع.
وأكثر من أفاضوا في الاستدلال لحجية خبر الواحد من السلف: الإمام الشافعي رحمه الله، ثم الإمام البخاري، وسار كثير من العلماء على منوالهما كالإمام ابن حزم في ((الإحكام)) ، وكالحافظ ابن عبد البر في كتابه:"جامع بيان العلم وفضله.." وفي مناسبات في كتاب "التمهيد"