للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وما فعله بعض الصحابة من تحليف الراوي الواحد أو اشتراط شهادة آخرين على قبول خبر الواحد محمول على التثبت والاستظهار (١) .

والحاصل أن تَرْكَ الاحتجاج ببعض أخبار الآحاد في فروع فقهية لا يستلزم عدم الاحتجاج بها من حيث الأصل؛ إذ قد يكون ترك الاحتجاج بتلك الأخبار آتياً من أسباب أخرى كالاحتياط والتثبت في الرواية.

ومن تلك الشبه: أنهم رأوا اختلاف الأئمة في العمل بالخبر الواحد في فروع فقهية، فظنوا أن ذلك بسبب رد خبر الواحد، وقد ألمح الشافعي إلى هذه الشبهة بقوله: "فإن شبه على رجل بأن يقول: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث كذا، وحديث كذا، وكان فلان يقول قولاً يخالف ذلك الحديث" (٢) ثم أجاب عنها بأن ذلك ليس بسبب رد الخبر، بل إما أن يكون عنده خبر آخر يخالفه، أو يكون سمع خبراً ممن هو أوثق عنده من الذي سمع منه الخبر الذي رده، أو يكون سمعه من غير حافظ أو من متهم، أو يكون الحديث محتملا عنده معنيين فيذهب إلى أحدهما دون الآخر (٣) .

ومن تلك الشبه: أن خبر الواحد يمكن فيه الغلط، وإمكان الغلط فيه دفعهم إلى رده بناء على مبدأ انطلقوا منه وهو أن الحجة لا تقوم "بأمر يمكن فيه الغلط" (٤) .


(١) انظر: البرهان ١/٦٠٩ – ٦١٠.
(٢) الرسالة ص ٤٥٨.
(٣) انظر السابق ص ٤٥٨ – ٦١٠.
(٤) جماع العلم بهامش الأم ٧/٢٥٦.

<<  <   >  >>