للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وجعل القاضي عبد الوهاب الخلاف لفظياً بين من يقول: "إن خبر الواحد يفيد العلم الظاهر وبين من يقول: إنه لا يفيده لأن مرادهم أنه يوجب غلبة الظن، فصار الخلاف في أنه هل يسمى علما أو لا (١) ؟ ".

بينما سَخِرَ ابن حزم من هذا القيد ووصفه بأنه: "كلام لا يعقل، وما علمنا علماً ظاهراً غير باطن ولا علما باطنا غير ظاهر، بل كل علم تيقن فهو ظاهر إلى من علمه وباطن في قلبه معاً، وكل ظن يتيقن فليس علماً أصلاً لا ظاهراً ولا باطناً، بل هو ضلال وشك وظن محرم القول به في دين الله تعالى" (٢) .

القول الثاني من القولين الأصليين: أن خبر الواحد يفيد الظن، وهو الاتجاه العام عند جمهور الأصوليين والفقهاء، وهو مذهب الحنفية والشافعية وجمهور المالكية وجميع المعتزلة وغيرهم (٣) .

وهو الذي رجحه بعض محدثي الفقهاء كالحافظ ابن عبد البر ونسبه إلى الإمام الشافعي (٤) .

وقد دفع بعض العلماء إصرارهم على أن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن إلى تعريفه بقولهم: "خبر الواحد ما أفاد الظن" (٥) وبقولهم: "خبر


(١) عن البحر المحيط للزركشي ١/٢٦٤.
(٢) الإحكام ١/١١٤ – ١١٥.
(٣) الإحكام للآمدي ١/١٠٧.
(٤) التمهيد ١/٨.
(٥) الإحكام للآمدي ١/٣١، وقد انتقد الآمدي هذا التعريف بأنه غير مطرد ولا منعكس.

<<  <   >  >>