للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الواحد لا يفيد العلم خلافا لأصحاب الحديث ولا تثبت به العقائد" (١) ، فهم إنما يفرون بهذه التفرقة من الذمِّ الذي يستوجبه بناء العقيدة على الظن، وفي هذا قال العز بن عبد السلام: "وإنما ذم الله العمل بالظن في كل موضع يشترط فيه العلم أو الاعتقاد الجازم كمعرفة الإله ومعرفة صفاته، والفرق ظاهر" (٢) .

فالدافع هو تنزيه صفات الله عن النقص الناجم عن بنائها على الظن، فمن ظن صفة من صفات الله فيمكنه أن يجوز نقيضيها وذلك نقص" (٣) .

بل إن بعض أولئك الذين تسربت إليهم التفرقة حاولوا الرد على أدلة مثبتي الحجية لخبر الواحد في مجالي العقائد والأحكام معا، وكان ردهم متكلفاً بارداً. ومن أمثلة تلك الردود المتكلفة قول أبي الوليد الباجي رحمه الله: "فإن قالوا: فيجب قبول خبر الواحد في التوحيد وأعلام النبوة وما طريقه العلم؛ لأن رسله أيضاً ينفذون بذلك إلى أهل النواحي".

قال: "والجواب: أن هذا غلط، لأنه إنما كان ينفذ رسله بأحكام الشريعة بعد انتشار الدعوة وإقامة الحجة" (٤) .

وأجاب الآمدي عن هذه المسألة حيث قال: "إن إنفاذ الآحاد لتعريف التوحيد والرسالة لم يكن واجب القبول!! لكونه خبر واحد، بل


(١) الوصول إلى علم الأصول لابن برهان ج١/١٦٣.
(٢) قواعد الأحكام ٢/ ٢٣٢.
(٣) السابق ١/١٤٩.
(٤) أحكام الفصول ص ٣٣٩.

<<  <   >  >>