للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقضى ربنا بأننا إن لم نحكم بذلك، فإننا فساق عصاة له تعالى، ظلمة متوعدون بالنار على ذلك. وما أمرنا تعالى قط أن نحكم في الدين بخبروضعه فاسق أو وهم فيه واهم. وقال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} ١. فهذا فرق في غاية البيان.

وفرق ثالث: وهو أن تقول: إن الله تعالى افترض علينا أن نقول في جميع الشريعة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرنا الله تعالى بكذا، لأنه تعالى يقول: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} ٢، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ٣. ففرض علينا أن نقول: "نهانا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم عن كذا، وأمرنا بكذا. ولم يأمرنا تعالى قط أن نقول شهد بحق، ولا حلف هذا الحالف على حق، ولا أن هذا الذي قضينا به لهذا حق له يقيناً، ولا قال تعالى: ما قال هذا الشاهد، لكن الله تعالى قال لنا: احكموا بشهادة العدول، وبيمين المدعى عليه إذا لم يقم عليه بيّنة. وهذا فرق لا خفاء به. فلم نحكم بالظن في شيء من كل ذلك أصلاً ولله الحمد"٤.


١ سورة الشورى آية: ٢١.
٢ سورة المائدة آية: ٩٢.
٣ سورة الحشر آية: ٧.
٤ الإحكام لابن حزم١-٤/١١٨-١١٩.

<<  <   >  >>