للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عن الأمر، أي صده عنه، والمفعول عليه هنا محذوف، أي يخالفون المؤمنين أي يصدونهم عن أمره. وحذف المفعول، لأن المراد تقبيح حال المخالف، وتعظيم أمر المخالف عنه، فذكر الأهم، وترك ما لا اهتمام به"١.

واستدل ابن القيم -رحمه الله- بالآية على إفادة خبر الواحد العلم فقال:"وهذا يعم كل مخالف بلغه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة، ولوكان ما بلغه، لم يفد علماً، لما كان متعرضاً بمخالفته ما لا يفيد علماً للفتنة والعذاب الأليم، فإن هذا إنما يكون بعد قيام الحجة القاطعة التي لا يبقى معها لمخالف أمره عذر"٢. وهذه الآية الكريمة قد استدل بها الأصوليون على أن الأمر المجرد عن القرائن يقتضي الوجوب، لأنه جل وعلا توعد المخالفين عن أمره بالفتنة أو العذاب الأليم، وحذرهم من مخالفة الأمر. وكل ذلك يقتضي أن الأمر للوجوب، مالم يصرف عنه صارف، لأن غير الواجب لا يوجب تركه الوعيد الشديد والتحذير.

وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة من اقتضاء الأمر المطلق الوجوب دلت عليه آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى: {وَإِذَا


١ نفس المصدر٢٨/٧٦، وانظر أضواء البيان٦/٢٥٢-٢٥٣.
٢ مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة١-٢/٥٠٠.

<<  <   >  >>