للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الرواة مصنفات مكنتنا ومن يأتي بعدنا إلى يوم القيامة من التمكن من معرفة صحة ما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وإذا كان العلماء اليوم يمكنهم الحكم على الحديث بالصحة حتى يقول أحدهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما بالك بمن أفنى معظم أوقاته وأيامه مشتغلاً بالحديث والبحث عن سيرة النقلة والرواة، ليقف على رسوخهم في هذا العلم وكبير معرفتهم به، وصدق ورعهم في أقوالهم وأشعالهم، وشدة حذرهم من الطغيان والزلل، وما بذلوه من شدة العناية في تمهيد هذا الأمر والبحث عن أحوال الرواة، والوقوف على صحيح الأخبار وسقيمها، وكانوا بحيث لو قتلوا لم يسامحوا أحداً في كلمة واحدة يتقولها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا فعلوا هم بأنفسهم ذلك، وقد نقلوا هذا الدين إلينا كما نقل إليهم، وأدوا كما أدى إليهم، وكانوا في العناية والاهتمام بهذا الشأن ما يجل عن الوصف ويقصر دونه الذكر، فإذا وقف المرء على هذا من شأنهم وعرف حالهم وخبر صدقهم وورعهم وأمانتهم ظهر له العلم فيما نقلوه ورووه١.

قال ابن حزم: "فنقول لمن قال: إن خبر الواحد العدل عن مثله مبلغاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يوجب العلم، وأنه يجوز فيه الكذب والوهم، وأنه غير مضمون الحفظ، أخبرونا هل يمكن عندكم أن تكون شريعة فرض أو


١ مختصر الصواعق المرسلة١-٢/٥٠٧.

<<  <   >  >>