للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تحريم أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات عنها وهي باقية لازمة للمسلمين غير منسوخة، فجهلت حتى لا يعلمها علم يقين أحد من أهل الإسلام في العالم أبداً، وهل يمكن عندكم أن يكون حكم موضوع بالكذب أو بخطأ بالوهم قد جاز ومضى واختلط بأحكام الشريعة اختلاطاً لا يجوز أن يميزه أحد من أهل الإسلام في العالم أبداً، أم لا يمكن عندكم شيء من هذين الوجهين؟ فإن قالوا: لا يمكننا أبداً، بل قد أمنا ذلك، صاروا إلى قولنا وقطعوا أن كل خبرٍ رواه الثقة عن الثقة مسنداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الديانة فإنه حق قد قاله عليه السلام كما هو، وأنه يوجب العلم، ونقطع بصحته، ولا يجوز أن يختلط به خبر موضوع أو موهوم فيه لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم قط اختلاطاً لا يتميز الباطل فيه من الحق أبداً.

وإن قالوا: بل كل ذلك ممكن، كانوا قد حكموا بأن الدين دين الإسلام قد فسد وبطل أكثره واختلط ما أمر الله تعالى به مع مالم يأمر به اختلاطاً لا يميزه أحد أبداً. وأنهم لا يدرون أبداً ما أمرهم به الله تعالى مما لم يأمرهم به، ولا ما وضعه الكاذبون والمستخفون مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالظن الذي هو أكذب الحديث، والذي لا يغني من الحق شيئاً. وهذا انسلاخ من الإسلام، وهدم للدين، وتشكيك في الشرائع"١.


١ الإحكام لابن حزم١-٤/١١٠-١١١.

<<  <   >  >>