البصيرة السليمة، فبين الخبر الصادق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الخبر الكاذب عنه من الفرق كما بين الليل والنهار، والضوء والظلام، وكلام النبوة متميز بنفسه عن غيره من الكلام الصدق، فكيف يشتبه بالكذب، ولكن هذا إنما يعرفه من له عناية بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخباره وسننه١.
قال: "وأما ما يرجع إلى المخبر، فإن المخبر نوعان: نوع له علم ومعرفة بأحوال الصحابة وعدالتهم وتحريهم للصدق والضبط، وكونهم أبعد خلق الله عن الكذب وعن الغلط والخطأ فيما نقلوه إلى الأمة، وتلقاه بعضهم عن بعض بالقبول، وتلقته الأمة عنهم كذلك، وقامت شواهد صدقهم فيه، فهذا المخبر باسم المفعول يقطع بصدق المخبر باسم الفاعل، ويفيده خبره العلم واليقين لمعرفته بحاله وسيرته. ونوع لا علم لهم بذلك، وليس عندهم من المعرفة بحال المخبرين ما عند أولئك، فهؤلاء قد لا يفيدهم خبرهم اليقين، فإذا انضم عمل المخبر وعلمه بحال المخبر وانضاف إلى ذلك معرفة المخبر عنه ونسبة ذلك الخبر إليه، أفاد ذلك علماً ضرورياً بصحة تلك النسبة، وهذا في إفادة العلم أقوى من خبر رجل مبرز في الصدق والتحفظ، عن رجل معروف بغاية الإحسان والجود، أنه سأله رجل معدم فقير ما يعينه، فأعطاه ذلك، وظهرت شواهد تلك العطية على الفقير، فكيف إذا تعدد المخبرون عنه