للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن حزم: "ونحن نقول في حديث النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغنا: هذا نبينا إلينا. فهكذا نحمل أمر جميع ما روى من رواية الصاحب للحديث، ثم روي عنه مخالفته إياه أنه إنما أفتى بخلاف الحديث قبل أن يبلغه، فلما بلغه حدث بما بلغه. لا يحل أن نظن بالصحابي غير هذا"١.

وأجيب عما استدل به السادة الأحناف بأن الراوي ربما رأى ناسخاً في نظره، ولا يكون ناسخاً عند غيره من المجتهدين، وما ظهر له في نظره لا يكون حجة على غيره، ومع إمكان الاحتمال لا يترك النصّ الذي لا احتمال فيه٢.

ومحل الخلاف فيما إذا تقدمت الرواية على العمل، أما إذا تقدم العمل أو تأخرت الرواية، أو جهل التاريخ، فلا خلاف حينئذ أن العمل بالحديث، لأن الحديث حجه في الأصل بيقين، وبهذا صرح الحنفية.

قال البزدوي: "وأما إذا عمل بخلافه، فإن كان قبل الرواية وقبل أن يبلغه، لم يكن جرحاً، لأن الظاهر أنه تركه بالحديث إحساناً للظن به"٣.


١ الإحكام لابن حزم١-٤/١٤٦.
٢ الإحكام للآمدي٢/١٦٧، البدخشي على منهاج الوصول مع نهاية السول٢/٢٥٥-٢٥٦.
٣ انظر كشف الأسرار٣/٦٣.

<<  <   >  >>