للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً. إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً. عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً} [الإسراء:٤-٨] .

لقد ذكر العلماء في تفسير هذه الآيات أن المرتين قد وقعتا على بني إسرائيل، وعلى هذا أكثر المفسرين. ويجعلون المرة الأولى هي قضاء بختنصر عليهم، وذلك قبل الميلاد بما يقارب ٥٨٦سنة، والأخرى قضاء الرومان عليهم، وذلك في حدود ٧٠م أو ١٣٥م ولهم أقوال أخرى نحو ذلك.

ولكن الناظر في التاريخ، وما ذكره اليهود من تاريخهم في كتابهم يتبين أنه بعد قضاء بختنصر عليهم سنة ٥٨٦ق. م لم تقم لهم قائمة، ولا قامت لهم قوة البتة، وإنما وقعوا تحت الإستعمار، كما هو في التعبير الحديث، فكانوا أولاً تحت حكم البابليين، ثم الفرس، ثم اليونان، ثم الرومان، الذين طردوهم في سنة ١٣٥م من فلسطين وشردوهم منها إلى هذا الزمن، الذي بدأوا يتجمعون فيه.

ومنذ سقوط فلسطين بيد البابليين في حدود سنة ٥٨٦ق. م، لم تقم لليهود قوة ولا دولة، سوى دويلة ضعيفة هزيلة أيام المكابيين بعد المسيح عليه السلام، حيث قام مجموعة منهم، واستطاعوا أن يتحرروا من قبضة الرومان قليلاً، إلا أن الرومان جمعوا لهم جمعاً قوياً، ووطئوا به ديارهم، وقضوا عليهم قضاءً شبه مبرم، ودمروا بيت المقدس، الذي كانوا قد أعادوا بناءه قبل المسيح عليه السلام، وأزالوا كل آثاره، ولم يبقوا لهم إلا جداراً غرب بيت المقدس. وسمح لهم الحاكم الروماني أن يعودوا إلى بيت المقدس يوماً واحداً في السنة عند ذلك الجدار يبكون يتذكرون ما فعله بهم."١"


"١" انظر: تاريخ بني إسرائيل من أسفارهم، ص٢٩٠-٣٨١، أبحاث في الفكر اليهودي، ص٣٦-٣٨، قصة الحضارة،"٣/٤"، ودراسات في الأديان، ص٤٤-٤٧.

<<  <   >  >>