للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فهذا كلام فارغ لا معنى له، وإنما عليه أن يأتي بالخبر الصادق، والتشريع الصحيح، والعلم النافع، وسائر ما يتصف به النص القرآني، ويكون ذلك في قالب من الكلمات بليغ، مؤثر في النفوس، آخذ بمجامع القلوب والألباب، فأنى لأحد من البشر ذلك.١

والمهم من ذلك كله أنه لم يعارض القرآن أحد معارضة صحيحة، ولم يتقدم إلى ذلك أحد على تعاقب الليالي والأيام، واستمرار الكفار وتتابعهم في العداء لهذا الدين، وابتغاء اندحاره، والاجتهاد في حربه بكل وسيلة ممكنة، ومع ذلك كله عجزوا عن أن يأتوا بمثل سورة من القرآن، فمن أخبر النبي صلي الله عليه وسلم ذلك؟ ومن أعلمه بذلك؟، ومن أين للنبي صلي الله عليه وسلم أن يأتي بشيء لا يستطيعه الأولون ولا الآخرون؟! هذا لا يمكن أن يكون إلا من الله العليم الحكيم.

٢-قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} [النور:٥٥] .

وقد حقق الله لنبيهصلي الله عليه وسلم وأصحابه وأمته من بعده ما وعد، ففتحت البلاد، ودخل الناس في دين الله، وتمكن الدين، وتبدل الخوف أمناً، وانتشر دين الله في الأرض، حتى بلغ في أقل من مائة سنة هجرية حدود فرنسا من الغرب، وحدود الصين من الشرق "٢".

فمن أين للنبي صلي الله عليه وسلم علم ذلك؟

٣- قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً , فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً , ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ


"١" انظر: النبأ العظيم، ص٨٠-١٠٦.
"٢" انظر كلام ابن كثير في تفسيره "٣/٢٨٢".

<<  <   >  >>