للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما النصارى فقد كفرهم الله تعالى، وكفرهم رسوله، ووصف قولهم ودعوتهم بأنها من أقبح الأقوال وأفسدها في الله تعالى، وذلك في قوله جل وعلا {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً , تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً , أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً , وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً} [مريم:٨٩-٩٢] .

بل دعاهم النبي صلي الله عليه وسلم للمباهلة، كما هو معلوم في السيرة، لما جاءه وفد نجران، وكانوا نصارى، وحاجوه في عيسى عليه السلام،فأنزل الله تعالى صدر سورة آل عمران، فلما لم يستجيبوا لدعوته أمره الله أن يباهلهم، فجبنوا عن ذلك، ورضوا أن يدفعوا الجزية."١"

وهذا إقرار منهم بنبوته، وأنه على الحق، وأنهم على الباطل. فإذا كان هذا حاله معهم، فكيف يمكن أن يكون أخذ عنهم، ولو كان أخذ عنهم فهل يمكن أن يخفوا ذلك ويسكتوا عنه وهو معاد لهم، وهم حريصون على تكذيبه ورد رسالته؟

ثالثاً: أن النبي صلي الله عليه وسلم كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، فكيف يمكن أن يستفيد من كتب اليهود والنصارى.

أما لو زعموا أنه حفظها منهم فإن ذلك ممتنع، لأنه لا يعرف للنبي صلي الله عليه وسلم صلة بأحد منهم لا من اليهود ولا من النصارى "٢"، ولم يكن قومه من أهل العلم بكتب اليهود والنصارى، كما قال تعالى بعد أن ذكر قصة نوحعليه السلام: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود:٤٩] .


"١" انظر:تفسير ابن كثير "٣/٣٢٣-٣٢٥".
"٢" سوى ما ذكر عن الغلام النصراني، وقد سبق بيان بطلان الدعوى في ذلك، ثم إن علم النصارى واليهود مجتمعون لا يأتي قطرة في بحر علوم القرآن، وقد سبق ذكر كلام موريس بوكاي في الفوارق بين نص القرآن ونصوص التوراة، وسنشير إلى بعض الفوارق الأخرى في الصفحات التالية.

<<  <   >  >>