للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

رابعاً: أن ما عند اليهود والنصارى من العلم الموافق لما جاء في القرآن، وذلك مثل بعض القصص الواردة في التوراة، خاصة مما يتعلق بآدم ونوح وإبراهيم وموسى عليهم السلام، وكذلك شيء من أخبار داود وسليمان ويونس وعيسى عليهم السلام، وكذلك أشياء من العقائد الموجودة في التوراة، كالإيمان بالله وتوحيده والملائكة والجن، ونحو ذلك.

فهذا كله دليل لنبوة النبي صلي الله عليه وسلم، لأن أولئك أنبياء، ويقر اليهود والنصارى على الجملة بنبوتهم، فما جاء في القرآن موافقاً لما ورد عند اليهود والنصارى، فذلك دليل على صدقه، وأن مصدره من نفس المصدر الذي جاء منه علم الأنبياء قبله.

وقد استدل ورقة بن نوفل على صدق النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الدليل، أي بالتشابه بين ما جاء به النبي صلي الله عليه وسلم وما جاء به الأنبياء قبله، كما في البخاري، أنه لما أخبره النبي صلي الله عليه وسلم خبر نزول الوحي عليه أول مرة في غار حراء، قال: هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى"١"، وكذلك استدل به النجاشي لما قرأ عليه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه صدراً من سورة مريم بكى، وبكت أساقفته، حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال النجاشي:" إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة "."٢"

ومن المهم أن نشير هنا إلى أن ورود هذه القصص في القرآن الكريم تصديق لها وتثبيت، لأن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي لا تطاله الشبهة في مصدره وصحته، سوى ما يقوله أعداؤه بأفواههم، ولا يستطيعون أن يقيموا عليه أي دليل أو برهان.

فعلى هذا فالتوافق دليل على صدق الرسول صلي الله عليه وسلم، وأنه ليس مفتر كاذب، وحاشاه، لو كان أولئك الكفرة يعقلون.


"١" أخرجه. خ – بدء الوحي،رقم"٣"، انظره مع فتح الباري "١/٢٣"، م."٣/١٣٩٣".
"٢" أخرجه حم "١/٢٠٢" عن أم سلمة رضي الله عنها.

<<  <   >  >>