للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تاريخية متعمقة، تشمل الإنسان الأول، وتسير معه سيراً متأنياً، كاشفة عن مشاعره وأحاسيسه وتقلباتها حسب الظروف والأحوال التي تحيط به، إذ أن الدين له أوقات يظهر بها ويتضح جلياً في حياة الإنسان، وهي أوقات الأزمات والمخاوف التي يقع فيها الإنسان. كما أن له أوقاتاً يكمن فيها ولا يظهر، وهي أوقات الرخاء والغنى، إذ يقع الإنسان فيها فريسة سهلة للغفلة والبعد عن الدين.

كما أن الباحث يجب أن يكون في حال بحثه خاليا من المؤثرات البيئية والدينية والثقافية، وذلك من أجل أن يكون حكمه على الظواهر التي يقع عليها سليما من المؤثرات الخارجية وأنَّى للباحث أن يتخلص من ذلك١.

فهذه الأمور تجعل الوصول إلى باعث التدين الحقيقي من الصعوبة والعسر ما لا يتمكن منه الإنسان.

ونحن المسلمين نعتقد أن الباعث على التدين: هو الفطرة، ونعتمد في ذلك على الوحي الإلهي والنور الرباني، فإن القرآن والسنة نصا على أن الإنسان مفطور على الإقرار بالخالق والعبودية له والبراءة من الشرك٢.

يدل على ذلك قول الله عز وجل: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ التي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلكَ الدِينُ الْقَيِم وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} الروم (٢٠) .

وقوله سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بني آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ


١ انظر في الرد على هذه التخرصات كتاب الدين ص١١٤-١٦٤.
٢ أكثر السلف على أن المراد بالفطرة الإسلام. انظر فتح الباري (٣/٢٤٨) .

<<  <   >  >>