للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن التثليث فوق إدراكنا ولكن عدم إدراكه لا يبطله"١.

فهذا ما صرحوا به وتوصلوا إليه في النهاية: أن التثليث أمر مرفوض عقلا وغير مقبول، ولكنهم مع ذلك يؤمنون به.

ويحاول بعضهم أن يشبه ذلك بقول المسلمين في صفات الله عز وجل "إن العقول لا تدرك كيفيتها"٢ وهذا تلبيس وتدليس منهم. لأن إثبات صفات الله عز وجل أمر يقبله العقل بل يوجبه العقل ولا يرفضه، وعدم إدراك كيفيتها يتلاءم مع مستوى علم الإنسان بالله عز وجل، ومن هذا الباب كثير من الغيبيات التي يؤمن الإنسان بها وِفْقَ نصوص الشرع ويقبلها العقل، مثل ما ورد عن الجنة، والنار، وعذاب القبر وغيرها. وذلك يختلف تماماً عن التثليث الذي يزعمه النصارى وهو: أن الثلاثة الحقيقة هي الواحد الحقيقي، والواحد الحقيقي هو الثلاثة، فهذا ما لا يطيق العقل قبوله، وفهمه.

ولابد من الإشارة هنا إلى أن التثليث لم يرد بهذا الاسم ولا مرة واحدة في جميع كتب العهد القديم أو الجديد وأن أول من نطق به هو "ثيوفيليوس" أسقف أنطاكية السادس والمعتقد أنه توفي بعد ١٨٠م.

قال القس حنا الخضري: "إن أول شخص استعمل كلمة ثالوث في تاريخ العقيدة المسيحية هو أسقف أنطاكية، ولقد استعمل هذا الاصطلاح في صيغه غريبة وهي (ثالوث الله) كما أنه يرى في الأيام الثلاثة السابقة لخلق الشمس إشارة إلى الثالوث" ٣.


١ انظر: هذه النقول وغيرها في كتاب "النصرانية من التوحيد إلى التثليث" ص ٢٠٧.
٢ حبيب سعيد في كتابه أديان العالم ص٢٨٢.
٣ تاريخ الفكر المسيحي ١/ ٤٦٣.

<<  <   >  >>