للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكيف هي عنده؟ هذا ما لا يقبله العقل السليم، أما عقول النصارى الضالة فتقبله، لأنهم يزعمون أن المسيح هو ابن الله وهو الله وهو عند الله في وقت واحد.

ثم قوله: "والكلمة صار جسداً ثم حل بيننا " هذا بيت القصيد لدى النصارى، وهو أن الكلمة تحولت إلى جسد وهو المسيح وحلت بين الناس، ومرادهم بالكلمة في تأويلاتهم الفلسفية: عقل الله أو فكر الله، وهي مقولة الفلاسفة الوثنيين حيث زعموا: أن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد وهذا الذي صدر عنه هو العقل الفعَّال وهو الذي خُلق العالم بواسطته، فهذه مقولة الفلاسفة١ اقتبسها كاتب الإنجيل وضمنها كتابه بدون أي مستند من وحي سماوي.

رابعاً: النص المذكور من إنجيل متى واستشهادهم بالنبوءة السابقة قد سبق بيان أنها غلط من أغلاطهم، ومن دلائل تحريفهم، وأن ما كتبوه إنما أملاه البشر وليس من عند الله، إذ أن هذه النبوءة المقصود بها شخص آخر ولد وتحققت النبوءة وانتهت في زمن ذلك النبي "إشعياء" كما نص على ذلك العهد القديم٢.

فعليه فهو استشهاد خاطئ وما بني عليه خطأ وضلال، ثم إن النصارى لتعمقهم في إضلال أنفسهم وأتباعهم يحرفون تفسيره من "الله معنا" إلى "الله ظاهر لنا" ٣ ومعلوم أن معية الله لا يتضح منها التجسد صراحة فأضافوا "الله ظاهر لنا" حتى تكون مفسرة للمعية، وهذا من تعمقهم في الضلال وإضلال الناس.


١ انظر: موسوعة الفلسفة (١/١٩٧) في ذكره للأفلاطونية المحدثة.
٢ انظر ما سبق ٢٠٧.
٣ انظر كتاب (الله طرق إعلانه عن ذاته) لعوض سمعان ص٣٣، نقلاً عن كتاب "المسيح في القرآن" لعبد الكريم الخطيب ١٧٧.

<<  <   >  >>