للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامساً: ما أوردوه من كلام بولس هو كلام مردود عليه وغير مقبول، إذ يجب عليه أن يبين مستنده لما يقول من كلام المسيح نفسه، وإلا يعتبر مدع كاذب، وهذه حقيقة ذلك الرجل الذي أضل النصارى عن دين المسيح حيث تنسب إليه جميع التحريفات التي عليها النصارى١.

سادساً: ما أوردوه من الرسالة إلى العبرانيين٢ فإن صح كلامهم في نسبة الرسالة إلى بولس فالقول فيها ما سبق. وإن لم يثبت نسبتها إلى بولس فكيف يأخذ النصارى عقيدة خطيرة كهذه من كتاب لا يعرف كاتبه ولا يدرى من هو؟! كما يدلنا هذا على مستوى اهتمام النصارى بالأمور الدينية وعنايتهم بصحة ثبوتها والثقة بناقليها، حيث أنهم اعتمدوا على أقوال المجهولين والنكرات في أخطر عقيدة يعتقدونها وهي التجسد المزعوم، وذلك يبين لنا مدى وضوح النداء القرآني لهم في قوله عز وجل {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} المائدة آية (٦٨) .

سابعاً: أن هذه العقيدة مع خلوها من النصوص الشرعية التي تثبتها فهي مناقضه للعقل، ويعترف النصارى بذلك، ويجعلونها من الأسرار، وفي هذا يقولون عن التجسد: "فهو سر الأسرار الذي فيه يستعلن الله العظيم الأبدي إلى الإنسان الضعيف في صورة الناس المنظوره وتحت حكم الزمن، وبالعقل لا يدرك الإنسان من هذا السر شيئاً، وإنما


١ سيأتي بيان ذلك في عوامل تحريف رسالة المسيح عليه السلام.
٢ الرسالة إلى العبرانيين هي إحدى رسائل العهد الجديد وقد سبق بيان الشك في صحتها انظر ص ١٨٣.

<<  <   >  >>