ثم إنه قال:"أجعل كلامي في فمه"، فهذا كناية عن القرآن المحفوظ في الصدور، الذي تلقاه النبي محمد صلى الله عليه وسلم مشافهة من جبريل عليه السلام، وحفظه في قلبه، وتلاه بعد لأمته من فمه عليه الصلاة والسلام، حيث كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب عليه الصلاة والسلام.
ثم إن الله جل وعلا أتم وعده للنبي صلى الله عليه وسلم أن الذين لا يطيعونه فإن الله سيطالبهم، وقد طالبهم، فانتقم من أعدائه المشركين واليهود ثم ممن عداهم من الأمم. وهذا لم يكن لنبي غيره?، وعيسى عليه السلام لم ينتقم الله من أعدائه، بل كان أعداؤه في مكان المنتصر فأرادوا قتله إلا أن الله جل وعلا أنجاه منهم، وفي زعم النصارى أنهم قبضوا عليه وأهانوه وصلبوه١.
البشارة الثانية:
جاء في سفر التثنية (٣٣/١) : "وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته فقال: جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبل فاران، وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم".
فمجيء الرب من سيناء معناه إعطاء موسى عليه السلام التوراة، وقوله:"أشرق من سعير" التبشير بالمسيح عليه السلام لأن ساعير جبل في أرض يهوذا في فلسطين
١ انظر: إظهار الحق (٤/١١١٦، البشارة بني الإسلام في التوراة والإنجيل ١/٢١٨.