للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(واعلم أنا لما نظرنا بعين البصيرة.. في المذاهب، وجدنا أحقها بالاتباع والانقياد، وأخلصها من شوايب الفساد، وأعظمها تنزيها لله ولرسوله، ولأوليائه الأمجاد مذهب الشيعة، لأنهم اعتقدوا أن الله سبحانه هو المخصوص بالأزلية والقدم، وأن كل ما سواه محدث، وأنه ليس بجسم، ولا جوهر، ولا في مكان، وإلا كان محدثا، وأنه تعالى غير مرئي، ولا مدرك بشيء من الحواس) .

ففي النص السابق، إنكار لبعض ما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم حيث أنكر علوه سبحانه، وأنكر رؤيته سبحانه، كما أن هذا النص تضمن وصف الله تعالى بألفاظ مبتدعة مستحدثة، مع الإعراض عن الألفاظ الشرعية الدينية ...

والمثال الثاني: ما ذكره أحد أدعياء التصوف وهو النبهاني في كتابه "شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق" حيث يقول:

(قد ظهر لنا معاشر أهل السنة من السلف والخلف من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الآن ظهورا جليا ليس معه أدنى شك وارتياب أن الصواب الصراح والحق الأبلج الوضاح هو تنزيه الله عن جميع الجهات العلويات والسفليات، لأنها من أوصاف الحادثات..) ١.

ويقول النبهاني- أيضا- منكرا صفة العلو:

(وأما ما ورد مما يفيد ظاهره أن الله تعالى في جهة العلو وجهة الفوق، وفي السماء، فهذا يجب تأويله قطعا لأن كمال الله تعالى الثابت المحقق من كل الوجوه عقلا ونقلاً يقتضي أن لا تحصره تعالى جهة العلو ولا غيرها من الجهات) ٢.

ومما قاله النبهاني- شعراً-:

سبحانه من إله ليس يحمله ... عرش بل العرش محمول له وبه

لو استقر على العرش لكان به ... للعرش حاجة محتاج لمركبه

لكن عليه استوى لا كيف نعلمه ... للاستواء أو القهر المراد به

جاء المجيء له سعيا وهرولة ... والحب والقرب منه مع تقربه

والعلو والفوق أيضا والنزول أتى ... والضحك مع غضب ويل لمغضبه

وقد تعجب من أشياء قد وردت ... كما يليق به معنى تعجبه

وهكذا كل لفظ موهم شبها ... فوضه لله أو أول بلا شبه٣


١ يوسف بن إسماعيل النبهاني،"شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق" مكتبة الحلبي، مصر، ص ١٦٩.
٢ المرجع السابق، ص ١٧١.
٣ المرجع السابق، ص ١٧٩.

<<  <   >  >>