للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى قول هذا المبطل أن حكم القرآن لا يتعدى من نزل فيه، فيقال: قد خاطب الله الصحابة بشرائع الدين كالصلاة والزكاة والصيام والحج، وبآيات المواريث، وبآيات الحدود، فيلزم على قول هذا المبطل أن حكمها لا يتعدى الصحابة. وهذا كفر وضلال، فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ... ) ١.

ويوضح السهسواني- رحمه الله- صحة معتقد الشيخ الإمام في تلك المسألة، فقال: (نعم قد استدل الشيخ رحمه الله على كفر عباد القبور بعموم آيات نزلت في الكفار، وهذا مما لا محذور فيه، إذ عباد القبور ليسوا بمؤمنين عند أحد من المسلمين ... ، وإنما تمسك الشيخ في تكفير الذين يسمون أنفسهم مسلمين، وهم يرتكبون أموراً مكفرة بعموم آيات نزلت في المشركين، وقد ثبت في علم الأصول أن العبرة لعموم اللفظ، لا لخصوص السبب، وهذا مما لا مجال فيه لأحد) ٢.

ومما كتبه الشيخ عبد الكريم بن فخر الدين- ردا على دحلان وغيره ممن وقع في تلك الشبهة- قوله:

(إن العبرة بعموم اللفظ لا لخصوص السبب، فحمل آية نزلت في مشرك على مؤمن بتشبيه به شائع ذائع، ولأجل ذلك أجرى الفقهاء حكم الكفر بالتشبه بالكفر، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم "من تشبه بقوم فهو منهم" ٣) ٤.

ويقول ابن سحمان: (فمن فعل كما فعل المشركون من الشرك بالله، بصرف خالص حقه لغير الله من الأنبياء والأولياء والصالحين، ودعاهم مع الله، واستغاث بهم كما يستغيث بالله، وطلب منهم ما لا يطلب إلا من الله، فما المانع من تنزيل الآيات على من فعل كما فعل المشركون، وتكفيره، وقد ذكر أهل العلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولكن إذا عميت قلوبهم عن معرفة الحق، وتنزيل ما أنزله الله في حق المشركين على من صنع صنيعهم واحتذى حذوهم فلا حيلة فيه) ٥.

ويكشف محمد رشيد رضا عن كثافة جهل أصحاب هذه الشبهة فيقول:

(ومن عجائب جهل دحلان وأمثاله أنهم يظنون أن ما بينه القرآن من بطلان شرك


١ " تأييد الملك المنان" ق ٣٩.
٢ "صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان" ص٤٨٧.
٣ أخرجه أبو داود وأحمد.
٤ "الحق المبين في الرد على اللهابية المبتدعين" ص ٤٦.
٥ "كشف غياهب الظلام عن أوهاب جلاء الأوهام " ص ١٩٥، وانظر: "الأسنة الحداد" ص ١٢٢.

<<  <   >  >>