للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا كان- ما سبق- يعكس تصور الشيخ لدولة الخلافة، فكيف كانت صورة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لدى دولة الخلافة؟

يقول د. عجيل النشمي مجيباً على هذا السؤال:

(لقد كانت صورة حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لدى دولة الخلافة صورة قد بلغت من التشويه والتشويش مداه، فلم تطلع دولة الخلافة إلا على الوجه المعادي لحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، سواء عن طريق التقارير التي يرسلها ولاتها في الحجاز، أو بغداد، أو غيرهما.. أو عن طريق بعض الأفراد الذين يصلون إلى الأستانة يحملون الأخبار) ١. وساق النشمي بعضا من الأمثلة التي تظهر مدى التشويه وقلب الحقائق الذي ضمته تلك التقارير، أو نقله بعض الأفراد.

ولازالت آثار هذا التشويش، وتبديل الحقائق وتزويرها ظاهرا جليا فيما كتب عن تاريخ العثمانيين، ونورد مثالا على ذلك:

يقول المؤرخ التركي سليمان بن خليل العزي:

(إن المراسلات التي وصلت إلى القسطنطينية من الشريف مسعود بن سعيد شريف مكة تبين أن ملحدا لا دينيا باسم محمد بن عبد الوهاب، قد ظهر من الشرق، قام بضرب وإجبار سكان تلك المنطقة لإخضاعهم لنفسه عن طريق اجتهاد زائف..) ٢.

وأما دعوى "زلوم" أن دعوة الشيخ أحد أسباب سقوط الخلافة، وأن الإنكليز ساعدوا الوهابيين على إسقاطها. فيقول محمود مهدي الاستانبولي جواباً على هذه الدعوى العريضة:

(قد كان من واجب هذا الكاتب أن يدعم رأيه بأدلة وإثباتات، وقديما قال الشاعر:

وإذا الدعاوى لم تقم بدليلها ... بالنص فهي على السفاه دليل

مع العلم أن التاريخ يذكر أن هؤلاء الإنكليز وقفوا ضد هذه الدعوة، منذ قيامها


١ مجلة المجتمع عدد ٥٠٤، ٣ محرم ١٤٠١ هـ.
٢ نقلا عن " الوهابيون الأوائل" لعبد الباري عبد الباقي، ص٥. وقد تضمن تاريخ الدولة العلية العثمانية" لمحمد فريد بك ص٤٠٤ معلومات خاطئة عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فقد ذكر أن الشيخ ولد في الدرعية وأنه درس مذهب أبي حنيفة، وسافر إلى أصفهان وأنه عاد يقرر مذهب أبي حنيفة، ويذكر- أيضا- أن الشيخ أدته ألمعيته إلى الاجتهاد والاستقلال فأنشأ مذهبا جديدا.

<<  <   >  >>