للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إضافة إلى أن الميت حي في قبره، كما أن له حياة قبل موته ... وحيث جاز التوسل بالأموات والأحياء جميعاً بلا فرق، فإنه لا فرق أيضا بين معنى التوسل ومعنى الاستغاثة ومعنى الالتجاء.. ونحوها؛ لأن المعنى واحد. وسنورد أقوال الخصوم كما جاءت مسطورة في كتبهم في بيان هذين العنصرين، ونشرع في سرد أقوالهم في بيان العنصر الأول على النسق الآتي:

يدعي ابن عفالق جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فيقول- مخاطبا الوهابيين-:

(فإن كنتم تنكرون التوسل والتشفع به صلى الله عليه وسلم مطلقا فالكلام ساقط معكم، والخطاب مستد بيننا وبينكم، وإن كنتم تقولون يجوز ذلك في حياته، وفي عرصات يوم القيامة إظهارا لعظيم شأنه وتنويهاً برفيع مقامه، وتقولون بعدم ذلك بعد وفاته، فأي دليل قام لكم على ذلك، وأي أمر أسقط عظيم جاهه بعد وفاته ... ومن المعلوم أن ما أقره عليه السلام في حياته فهو شرع بعد وفاته) ١.

ويقرر محمد سليمان الكردي مشروعية التوسل بالأنبياء والصالحين فيقول:

(وأما التوسل بالأنبياء والصالحين فهو أمر محبوب ثابت في الأحاديث الصحيحة وغيرها، وقد أطبقوا على طلبه، واستدلوا بأمور يطول شرحها.. بل ثبت في الأحاديث الصحيحة التوسل بالأعمال الصالحة وهي أعراض. فالبذوات أولى) ٢.

ويؤكد عمر المحجوب كثرة الأدلة التي تثبت دعواه في جواز التوسل بذوات الخلق فيقول:

(.. فإن التوسل بالمخلوق مشروع ووارد في السنة ليس بمحظور ولا ممنوع، ومشارع الحديث الشريف بذلك مفعمة، وأدلته كثيرة محكمة، تضيق المهارق عن استقصائها، ويكل اليراع إذا كلف بإحصائها. ويكفي منها توسل الصحابة والتابعين في خلافة عمر بن الخطاب أمير المؤمنين واستسقاؤهم عام الرمادة بالعباس ... ) ٣. ويردد الحداد نفس المقالة السابقة فكان مما قاله:

(وثبت في الأحاديث الصحيحة أن التوسل بالأنبياء والصلحاء أمر محبوب، وقد أطبقوا على طلبه، واستدلوا بأمور يطول شرحها ... ) ٤.


١ رسالة ابن عفالق إلى ابن معمر ق٤٣.
٢ قرة العين بفتاوى علماء الحرمين، ط ١، المكتبة التجارية، مصر ١٣٥٧، ص ٢٥٩.
٣ رسالة في الرد على الوهابية ص ٥.
٤ "مصباح الآنام " ص ٨٥.

<<  <   >  >>