للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقبل أن نورد الرد والبيان -بشيء من التفصيل- لما تضمنته شبه تحريم التوسل بكلا عنصريها، نرى أن يسبق ذلك إشارة لما يحتويه لفظ "التوسل" من الإجمال والاشتراك الذي يحتاج إلى تفصيل وتمييز.

ولقد بين علماء الدعوة ذلك، فأوضحوا ما يحمله مصطلح "التوسل" من الإجمال الذي لا بد من تفصيله، وما يتضمنه من الإطلاق الذي لا بد من تقييده.

يقول صاحب كتاب "التوضيح":

(إن التوسل فيه إجمال واشتراك بحسب الاصطلاح، فمعناه في لغة الصحابة والتابعين طلب الدعاء من النبي أو الصالح، أو التوجه بدعائه ...

وأما معناه في لغة المعاندين فهو أن يسأل الله عزوجل بذات ذلك المخلوق، ويقسم عليه تعالى به، أو يسأل ذلك المخلوق نفسه على معنى أنه وسيلة من وسائل الله يتقرب بذاته ويسأل منه شفاعته..) ١.

ويوضح الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ما يحتويه لفظ "التوسل" من الاشتراك، فيقول:

(إن لفظ التوسل صار مشتركا، فعباد القبور يطلقون التوسل على الاستغاثة بغير الله، ودعائه رغبا ورهبا، والذبح والنذر، والتعظيم بما لم يشرع في حق مخلوق.

وأهل العلم يطلقونه على المتابعة والأخذ بالسنة فيتوسلون إلى الله بما شرعه لهم من العبادات، وبما جاء به عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهذا هو التوسل في عرف القرآن والسنة ... ومنهم من يطلقه على سؤال الله ودعائه بجاه نبيه أو بحق عبده الصالح أو بعباده الصالحين، وهذا هو الغالب عند الإطلاق في كلام المتأخرين كالسبكي والقسطلاني وابن حجر -أي الهيتمي-) ٢.

وكذا ذكر الآلوسي ما تضمنه لفظ التوسل من إجمال، فقال رحمه الله:

(إن لفظ التوسل صار مشتركا على ما يقرب إلى الله من الأعمال الصالحة التي يحبها الرب ويرضاها، ويطلق على التوسل بذوات الصالحين ودعائهم واستغفارهم، ويطلق في عرف عبّاد القبور على التوجه إلى الصالحين ودعائهم مع الله في الحاجات والملمّات) ٣.


١ كتاب "التوضيح عن توحيد الخلاق" ص ٣١٠.
٢ "منهاج التأسيس" ص ٢٦٧. وذكر قريبا من هذا الكلام في كتابه "مصباح الظلام" ص ١٧٨.
٣ "فتح المنان تتمة منهاج التأسيس" ص ٤٠٠. وانظر: "الأسنة الحداد" لابن سحمان ص ١٥٠، و "الصواعق المرسلة الشهابية" ص ٧، ٨.

<<  <   >  >>