للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقل عن بعضهم جوازه، وهذه المسألة وغيرها من المسائل إذا وقع فيها النزاع بين العلماء، فالواجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول، ومعلوم أن هذا لم يكن منقولا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا مشهودا بين السلف، وأكثر النهي عنه.

ولا ريب أن الأنبياء والصالحين لهم الجاه عند الله، لكن الذين لهم عند الله من الجاه والمنازل والدرجات أمر يعود نفعه إليهم، ونحن ننتفع من ذلك باتباعنا لهم ومحبتنا، فإذا توسلنا إلى الله بإيماننا بنبيه صلى الله عليه وسلم ومحبته وطاعته واتباع سنته كان هذا من أعظم الوسائل وأما التوسل بنفس ذاته مع عدم التوسل بالإيمان به وطاعته، فلا يكون وسيلة، فالمتوسل بالمخلوق إذا لم يتوسل بما مر من التوسل به من الدعاء للمتوسل وبمحبته واتباعه، فبأي شيء يتوسل به الإنسان إذا توسل إلى غيره بوسيلة، فإما أن يطلب من الوسيلة الشفاعة له عند ذلك، مثل أن يقول لأبي الرجل أو صديقه أو من يكرم عليه اشفع لنا عند فلان، وهذا جائز، وإما أن يقسم عليه فلا يجوز الإقسام بالمخلوق، كما أنه لا يجوز أن يقسم على الله بالمخلوقين، فالتوسل إلى الله بذات خلقه بدعة مكروهة، لم يفعلها السلف من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان) ١.

ويوجز الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الجواب على أنواع هذا التوسل، فيقول:

(وأما التوسل، وهو أن يقال: اللهم إني أتوسل إليك بجاه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم أو بحق نبيك، أو بجاه عبادك الصالحين، أو بحق عبدك فلان، فهذا من أقسام البدع المذمومة ولم يرد بذلك نص) ٢.

ويبين الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب حكم سؤال الله بالموتى فقال:

(وهذا يفعله كثير من المتأخرين، وهو من البدع المحدثة في الإسلام، ولكن بعض العلماء يرخص فيه، وبعضهم ينهى عنه ويكرهه.. لكنه لا يوصله إلى الشرك الأكبر..) ٣.

وأما التوسل إلى الله في الدعاء بغير النبي صلى الله عليه وسلم فيقول عنه الشيخ عبد الله: (لا نعلم أحدا من السلف فعله، ولا روي فيه أثر) ٤.


١ "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" ٩/٢٣.
٢ "الدرر السنية" ١/١٢٩.
٣ "مجموعة الرسائل والمسائل" ١/٦٩ باختصار.
٤ "مجموعة الرسائل والمسائل" ١/٧١.

<<  <   >  >>